العراق يدخل عامه السابع تحت الاحتلال و عملائه بأكثرمن أربعة ملايين بين قتيل وجريح ومعوق حلقة (5)
هذه زمرة العميلة التي ربطت مصيرها مع الامبريالية الأمريكية والتحالف والتعاون معها إلى الاندراج في قوائم الإسلام السياسي وقيادات كردية عنصرية لم يبق من الحزب الشيوعي الأقدم في التاريخ والأوسع جماهيرية سوى أطلال خربة. وأصبح اقرب ما يكون إلى هيئة هلامية قابلة لكل الصور. بمعنى فقدانه لبوصلة الوطنية الحقة العراقية والقومية العربية والرؤية الاجتماعية. وهو فقدان عريق كان في أكثر جوانبه الوجه الآخر للأستعمار الجديد . بحيث جعل منه في نهاية المطاف جيب ل (سي أي إيه). لو نلاحظة نسبة الأصوات التي حصل عليها في الانتخابات الأولى عام 2005 بحيث لم تتجاوز نسبة أقل من 1%. رغم تحالفه مع زميله العميل أياد علاوي الذي يفتخر بانتسابه إلى 15 جهاز من مخابرات العالمية , وهي نفس النسبة التي حصل عليها زميله في سلك العمالة (نهاية 2005). بينما انحدر في الانتخابات المحلية الأخيرة (2009) إلى حالة التلاشي الفعلي في الوعي الاجتماعي. بينما لم يفز أي من ممثلي الحزب الشيوعي والحزب نفسه في أية منطقة من مناطق العراق العربي! وهو مؤشر على انه حزب لا يمتلك صفة عراقيته وطنيته ، أصبح مجرد بقايا ديناصورية مندثرة ضخمة العظام "هيبتها" أمام عيون الأطفال ومراهقي التفكير السياسي وموظفين في مقراته وأمام ستعراض مهرجاناته البائسة ! ذلك يعني إننا نقف أمام حالة تعكس طبيعة الانحدار السياسي للحزب وتحوله إلى كيان من الماضي، مع أن الادعاء الأيديولوجي بالمستقبل يرتقي عنده دوما إلى مصاف المطلق! أما في الواقع فإن المطلق الوحيد هو الإصرار على الابتعاد عن منطق الرؤية الواقعية والعقلانية تجاه الإشكاليات التي يواجهها العراق من خلال الانتماء إلى مكوناته الفعلية، وبالأخص القومية العربية. بحيث جعل منه الحزب "السياسي" الوحيد في ظروف العراق الحالية الذي يفتقد إلى أبسط مقومات المنطق السياسي والاجتماعي والوطني والقومي والطبقي والأخلاقي. ولعل تحالفه الأخير مع قيادات كردية وحركات قومية صغيرة كما جرى في الموصل سوى أحد الأدلة المثيرة والغريبة في الوقت نفسه. حزب "أممي" وطني عراقي ينطوي تحت جناح أقلية متخلفة بمعايير السياسة والاجتماع والمستقبل في منطقة عربية "متعصبة" في انتمائها القومي! إلا أن هذه الصورة المفارقة والغريبة لا تثير في الحزب الشيوعي "العراقي" شيئا غير "الاعتزاز" الذي يعادل من حيث الجوهر حالة الأنفصام التام في الشخصية والرؤية. لكننا حالما نضع هذه الحالة الغريبة ونتائج الانتخابات الأخيرة (2009) في العراق، فإننا نتوصل إلى كونها ليست حالة عرضية أو طارئة، بقدر ما أنها نتيجة تراكمت في نسق الرؤية النفسية والذهنية الأيديولوجية للحزب التي حكمت تاريخه الحديث.
وليس مصادفة أيضا أن يكون تاريخه السياسي وما يزال بهذا الصدد هو زمن الابتعاد العلني والمستتر عن هوية العراق الوطنية والعربية. وفي هذا يكمن سر هزيمته التاريخية في العراق. عراقنا يمر في هذه لحظة تاريخية خطيرة تستوجــب : تحــديد الثوابت الوطنية، التي تملي بمفهومها على العقل السياسي العراقي من منطلق كون علم السياسة يتبنى مهمة بناء الـدولة. ومنذ عام 1980 أخذت الأحزاب (الأجنبية) العراقية وحتى دخولها مع المحتل ونصبهم في سدة الحكم , نحن والشعوب العربية وأحرار العالم نشاهد المشهد السياسي العراقي , يمثل في قمة الانحـطــاط للتقاليد السياسية والثقافة. منذ عشرينات القـرن الماضي، ظهرت بوادر لأفكار السياسية على يد, رجال دين وأفكار تحمل صيغة القومية العربية , وأفكار لأوائل الماركسية الذين قرأوا كتب تخص تجربة الروسية وتطبيقها على واقع العراقي التي لا تتناسب مع البيئة العراقـــية، و ليســت منبثقة من تربة وجهد المعرفي الوطني العراقي ، ولا تعبر عــن خصائص ومتطلبات المجتمع العراقي ذاتـه، في فترة السبعينات شن الحزب الشيوعي في جريدته " الفكر الجديد" حملة عدوانية ضد سلسلة كتب " لمحات اجتماعية عن تاريخ العراق الحديث" أصدرها الفيلسوف في علم الاجتماع د. علي الوردي الذي يقارن بين البداوة والحضارة , التي تشكل , الحالة النفسية للمواطن العراقي , كي نفهم طبيعة هذه " العقلية" العراقـيــة ونحلل مسارات واقعهـا السياسي، المتقلب بالأستمرار ،والمتابـــع لهــذا المشهد الغريب العجيب يرى قطعا , الأختلاف الرئيسي والجذري بين جميع تلك الأفكار. وهذه الحالة معروفة بين أوساط السياسية والثقافية العراقية . هذه التناقضات , صورة معكوسة على ما نلمسه الآن , اذ نمر أسوأ فترات في سجل التاريخ الوطني , فكريـّا وسياسيـّا وثقافــيـّا، حيـث غــياب الفـكـر العقلاني والواقعي والمنظــّم، وغياب الدولة الحديثة , وطفحت على السطح تلك الأحزاب التي جاءت على ظهر دبابة المحتلين كسرطان يفتك بجسم العراق المنهك في هذه المرحلة الراهنة . مانشهده على أرض الواقع العراقي، من صراع طائفي مذهبي ، دليل واضح على عقلية الشعوبية المتخلفة لهؤلاء الفقهـاء الذين وضعوا خوذة على عقل المرتبط بهم ، ومن ثـمّ دفنوا العقل الأسلامي عن روحه الأبداعيـة. ، حيث أنتجت لنا في العراق، أحــزاب وحركات الإسلام السياسي غوغـائية المبدأ والروح لا تفهم مـن الدين سوى" شعائـر المتخلفة" التي تشوة الرسالة المحمدية ، هذه الأحزاب الطائفيـة والمذهبية أنها مرتبطة بأجنـدة خارجيـة متمثـّلة بأيران والولايات المتحدة وبريطانيا ودول الجـوار ، حـيث التمويــل المالي واللـّوجستي والتسليح والتدريب ، ومن ثم تنفيذ إرادة هذه الدول المرتبطة بها . لســبـب جوهري وبسيط، هو أن كل حزب طائفي ومذهبي لايمكن أن يـقدم مشروعا وطنيا إخلاقيا على الاطـلاق،لأن حدود تفكيره منحصر في ثنايا طائفــته التي ينتمي اليـهـا. فلو دققنا كل الشعارات والخطابات وممارسة "الشعائر" الزعبلات لوجدنا انها تصب لمصالح شخصية , وللمرجعية الدينية غير عراقية وللملالي إيران . لقد أفسد الإسلام السياسي الطائفي المذهبي , كل النسيج العراقي الموحد , لأنها تتعامل مع العراقي بوصفة "صوتا ومصفقا" ولا تعتبره كائن فعال في معادلة الوجود السياسي والأجتماعي والثقافي , تلغي عقله وارائه , مما دفع " بهذا المواطن" بتقبل الاحتلال وما انتج منه من دمار , ورفضه الدفاع عن سيادة بلده , لقد صدقت مقولة ماركس " الدين أفيون الشعوب" وهذا الموقف يعبر عن مسخ الرؤية للمستقبل بلده وتعد خيانة عظمى , حيث حــــلّ غزاة المحتلين مع جوقة من العملاء والخونة والمرتزقة في الخارج والداخل , وكانت البلوى الكبرى , وهذا ما يكشف لنا معنى أن ثوابت الوطنية قد قتلت في روح المواطن . وبقى أسير أكاذيب هؤلاء الخونة . بعد انتصار ثورة أكتوبر عام 1917 , وبأيعاز من" الأممية الثلاثة" تم تكوين أحزاب شيوعية في الوطن العربي ولهبت عقول الشبات في تلك المرحلة , معتمدة على مناهج الاتحاد السوفيتي , مما شكل خطرا على مصالح الامبريالية العالمية , رغم تقاسم النفوذ بين القوتين بعد أنتهاء الحرب الحرب العالمية الثانية 1939 – 1945, ومنذ أنتسابنا إلى الحزب بنيت أفكارنا وقناعاتنا على مفاهيم معينة غرستها فينا مدرسة الحزب حسب المفاهيم الستالينية , وكلنا درسنا مفاهيم الحزب الشيوعي على كتب ستالين " أسس اللينينية" و"مفاهيم اللينينية" , و" تاريخ الحزب الشيوعي السوفيتي " الذي كتبه ستالين أو كتب تحت أشراف ستالين , لأننا نعرف بالتجربة أن النموذج السوفيتي للحزب , النموذج الستاليني قد فشل منذ فترة طويلة , فهذا النموذج كان وراء كل التصفيات المأساوية للمئـات والألوف من الكادرات الحزبية والعسكرية والعلمية وغيرها , فإنه منذ فترة طويلة لم يعد صالحا ومناسبا , وكان عائـقا في وجه تطور الحزب الشيوعي السوفيتي , وفي وجه تطور الأحزاب الشيوعية في مختلف بلدان العالم وفي منطقتنا العربية , كان الحزب المبني جهازه على أساليب القمع , منذ عشرات السنين والذي لم يعرف الممارسة الديمقراطية منذه وجوده , فلا يمكن الدفاع عن هذا الحزب , ومن الضروري والواجب العمل لتغييره ودمقرطة أساليب تنظيمه, وإلغاء نظام المركزية الديمقراطية فيه . والحزب الذي يبتعد عن الجماهير وينساها تنساه هذه الجماهير . كان الحزب الشيوعي العراقي يترجم حرفيا بمبدأ " الأممية الثلاثة" شاطبا الجانب الوطني والقومي , ويعرف جميع الرفاق الذين واكبوا لتاريخ الحزب , نؤكد بصدق بــأن أغلـب برامجه السياسية والتثـقيـفية، كانت عن تاريخ الاتحاد السوفيتي والحزب الشيوعي البلشفي , ولم يكن التثقيف بتاريخ العراق المشرق بحضارته , اذا كان شيوعي لا يعرف أي شيء عن تاريخ بلده كيف يستطيع العمل لمصلحة العراق , ونتيجة هذه العقلية المتحكمة بقيادة الحزب وأغلب قياداتها من الأكراد , دفعوا الحزب عن مساره الصحيح في الدفاع عن العراق , إلى تمني قضية الأحزاب الكردية الذي يعرف كل مواطن عراقي , عن صلة هؤلاء مع (الموساد) والمخابرات الإيرانية أيام حكم الشاة , لتكون جنجر في خاصرة العراق وعرقلت تطوره , مع العلم حصل الأكراد على حكم ذاتي ونالوا كافة حقوقهم بل وأكثر , ولم يحصل عليها الأكراد لا في تركيا ولا في إيران ولا في سوريا ولا حتى في أيام دولة الاشتراكية السوفيتية , وكنا نسأل قيادة الحزب عن الخلافات وصحة أقوال الأكراد بعدم تطبيق شروط الحكم الذاتي , وما هي تلك الشروط؟