غالب الغول للشعراء يقول
من قلم / غالب احمد الغول
@@@@@@@@@@@@
كثرت في الآونة الأخيرة من هذا العقد , رغبة الشعراء والعروضيين في استنتاج بحور جديدة , وأنماط مختلفة من النماذج الأدبية المعاصرة , في مجال الشعر خاصة , وكأن الشعر العربي قد ضاق بأهله , وقل من يتناول بحوره البالغ عددها بين بحور صحيحة وبحور مهملة ( 30 ) بحراً , وهي التي ظهرت جلية على دوائر الخليل الخمسة , وتجدها على الرابط أدناه
http://arood.com/vb/showthread.php?t=2917إن الشعراء لم يدركوا بعد أن المشكلة ليست في الكمّ بقدر ما هي بالكيف , ومن هنا نسأل , ما هي حاجتنا إلى بحور جديدة ؟؟؟
هل هذه البحور المستحدثة أفضل من البحور المألوفة والتي دامت قروناً طويلة ؟
أم أن الأمر يدور مع المثل القائل (( خالف تعرف )))
إن شاعرنا اليوم لا يدرك أن الخليل لم يترك له مجالاً لآختراع ولو بحراً جديداً واحداً ,ولو أدرك هذه الحقيقة فإنه سيكف عن بحوره التي أطلق عليها مسميات جديدة , لم تمتّ إلى الواقع بشيْ .
إنني تابعت قصائدهم المستحدثة , فلم أجدها إلا من البحور التي ظهرت على الدائرة نصاً وروحاً , وفي بعض الأحيان تراهم يزيدون سبباً خفيفاً محشواً بين التفاعيل ليقال (( هذا بحر جديد ) أو أنهم يقلبون ويسخطون التفاعيل الرئيسة لتظهر لديهم أجزاء من التفاعيل المسخوطة , كل ذلك ليقولوا للناس (( هذا بحر جديد ) .
ولا يتسع المجال لذكر قصائدهم وامثلتهم الشعرية .
ولكن أعطيكم أنموذجاً منها لنقف وإياكم على خطأ ما يصنعون :
مثل هذه الأجزاء : قالوا هذه بحور مستحدثة :
فعولن فاعلن فعـْلن فعولن
فعولن فاعلن فعـِلن فعولن
فعو مستفعلن فعـْلن فعولن
فعو متفاعلن فعـِلن فعولن
فعولُ فاعلاتُ فاعلاتن
فعولن فاعلن مستفعلاتن
وهل تعلم يا أخي الشاعر أن جميع هذه التقسيمات لا تخرج عن تفاعيل الخليل ولو بمقطع واحد وهو بحر الوافر وتفاعيله:
مفاعلتن مفاعلتن فعولن . ؟؟؟؟؟؟
وبمثل هذه الأقسام والأجزاء فعلوا في (( الدوبيت )) فقالوا عنه إنه من الأوزان الفارسية , ونسبوأ إليه هذه الأجزاء خاطئة تماما ً وهي:
ــ ــ ب ب ــ ب ــ ب ــ ــ ب ب ــ السبب الأخير ( للترفيل )
فقالوا:
فعلن فعـِلن مفاعلن مفتعلن
مستفعلُ فاعلن فعولن فعلن
فعلن متفاعلن فعولن فعلن وغيرها من الأجزاء المضللة .
ولو عرف العروضيون زحاف مفعولاتُ , لما وصلوا إلى هذا الحد من الخطأ .
ولقد قدمت بحثاُ بخصوص إثبات أن (( الدوبيت هو من الأوزان العربية )) وليس من الأوزان الفارسية , ــ لكن سبحان الله ــ , إنهم يحبون القول (( خالف تعرف )) فصمموا على أنه من الأوزان الفارسية , دون أدنى برهان لصحة أقوالهم .
إن الدوبيت , فعلاً من الأوزان العربية , وتفاعيله تفاعيل مهملة ظهرت على الدائرة الثالثة , وهو من أخوات الرجز والهزج والرمل , ( من تكرار مفعولاتُ ))
انظر إلى هذا الرابط :
http://arood.com/vb/forumdisplay.php?f=74http://arood.com/vb/showthread.php?t=2875أما الفكرة الثانية وأود طرحها وهي :
ما هو تعريف الشعر ؟؟؟؟
إن كان الشعر شعور وإحساس وخيال واسع , واختصار في القول , وإيقاع داخلي مضلل , وإيقاع خارجي لا يعرف أحد حدوده وتعريفه الموسيقي , ويتساوى في ذلك إن كان موزوناً أو لم يكن . فإن هذا ضلال مبين , وخلط للأروراق حتى لا يعرف الوجه الصحيح لمعنى الشعر .
ولا أريد الإطالة في الشرح لأن الشمس لا يمكن أن يغطيها غربال .
فالشعر مفردة عربية لها حدودها المعنوي والبنيوي , ولا يزيد تعريفها عما أقوله الآن :
(((الشعر : هو القدرة على الفطنة إلى نغم الكلام ثم حسابه وتحليلة , ولا بد من الحساب والتحليل , لأن الفطنة وحدها تصنع الشاعر ومتذوق الشعر , أما العروضي فغرضه الضبط والتصنيف ووضع المقاييس )))) صفحة 3 من كتاب الكافي في العروض والقوافي .
أي ان في الشعر حساباً ومقاييس يجب الاعتناء بها , وإلا خرج الشعر عن كونه شعرا. والشاعر هو صاحب الشعر الموزون والمقفى وللشعر إيقاع خاص تقيده أزمنة خاصة , وله وحدات إيقاعية متعارف عليها وهي ما تسمى بالتفاعيل , لتعطينا انتظام في الحركة والزمن .
ويقول صاحب كتاب الموسيقى الكبير عن الإيقاع : (( هو نظم أزمنة الانتقال على النغم , في أجناس وطرائق موزونة تربط أجزاء اللحن ويتعين بها مواضع الضغط واللين في مقاطع الأصوات ))
ويقول ابن سينا : ((( الإيقاع هو تقدير ما لزمان النقرات فإذا اتفق أن كانت النقرات منغمة , كان إيقاعا لحنيا, وإن اتفق أن كانت النقرات محدثة للحروف المنتظم منها كلام , كان إيقاعا شعريا, وأما الوزن فهو صورة للأيقاع . )))
مما سبق نعلم أن الشعر يلازمه الإيقاع , ويلازمه الانتظام في الحركة والزمن .
وعلينا أن نعلم أيضاً : بأن الكلام كان قبل ظهور الاسلام , إما شعراً وإما نثراً ولا شيء غيرهما , ولما نزل القران صار الكلام : شعراً ونثراً وقرآنا. أما النثر فلا وزن له , وإن يبدو لك بشكل عشوائي أن بعض الفقرات شبه موزونة , إلا أن ذلك لم يكن شعراً لآن صاحبه لم يقصد الشعر ,
وأما الشعر فله الوزن والإيقاع , لكي يتميز عن النثر .
وإما القرآن فله الترتيل . لكي يتميز عن الشعر والنثر من الكلام .
وهل بعد مرور أكثر من (14 ) قرناً نريد أن نسمي النثر شعراً , بأي مفهوم يكون هذا , ؟؟؟ وما الغرض منه , وما هي أهداف هذه الأفكار المستوردة ؟
لم يكن كلامي هذا تعصباً , ولا أقبل التعصب , ولكنها الحقيقة , لكي نميز ما نكتبه , أهو شعر أم نثر , أم قصة أم رواية , أم سجع , أم هو من أقوال الصحف .
ألم يستطع المبدعون في اللغة أن يكونوا أكثر حرصاً على تراثهم , ليطلقوا اسماء مقبولة على إنتاجهم , رفيع المستوى , بعيد عن المسميات المشكوك بها .؟؟؟
تحياتي
غالب احمد الغول 21/7/2010