فى الثالث عشر من هذا الشهر تمر الذكرى السابعة والعشرون لوفاة الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور، الذى يعد من أهم شعراء مصر فى النصف الثانى من القرن العشرين، وأحد الشعراء الذين استطاعوا تحويل هموم الحياة الصغيرة إلى شعر
ولد (محمد صلاح الدين عبد الصبور يوسف الحواتكى) الشهير بـ (صلاح عبد الصبور) فى الثالث من مايو عام 1931 فى أسرة متوسطة الحال بمدينة الزقازيق بمصر، وتلقى بها تعليمه حتى المرحلة الثانوية، ثم التحق بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1947، وتخرج فيه عام 1951 ليعمل بعض الوقت مدرساً للغة العربية فى أحد المعاهد الثانوية، لكنه يضيق بالتدريس، فيتركه ويتجه إلى الصحافة ليعمل صحفياً فى روزاليوسف ، ثم يتدرج فى المناصب حتى يشغل قبيل وفاته منصب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب.
خاض صلاح عبد الصبور معارك عديدة دفاعاً عن قضية الشعر الحر التى انحاز لها منذ مطلع حياته الأدبية، وكان أول وأهم هذه المعارك معركته مع (العقاد) والتى دارت رحاها على صفحات جريدة الأهرام المصرية فى بداية الستينيات من القرن الماضى.
حصل صلاح عبد الصبور على العديد من الجوائز أهمها: جائزة الدولة التشجيعية عن مسرحيته الشعرية (مأساة الحلاج) عام 1966، كما حصل بعد وفاته على جائزة الدولة التقديرية عام 1982، وكذلك على الدكتوراه الفخرية فى الآداب من جامعة المنيا فى نفس العام. وتوفى فى الثالث عشر من أغسطس عام 1981.
ترك صلاح عبد الصبور العديد من الدواوين والمسرحيات الشعرية وهى:
1- ديوان الناس فى بلادى عام 1957.
2- ديوان أقول لكم عام 1961.
3- ديوان أحلام الفارس القديم عام 1964.
4- مسرحية مأساة الحلاج عام 1964.
5- ديوان تأملات فى زمن جريح عام 1969.
6- مسرحية ليلى والمجنون عام 1969.
7- مسرحية مسافر ليل عام 1969.
8- مسرحية الأميرة تنتظر عام 1970.
9- مسرحية بعد أن يموت الملك عام 1973.
10- ديوان شجر الليل عام 1974.
11- ديوان الإبحار فى الذاكرة عام 1979.
هذا بخلاف العديد من الدراسات والمقالات والترجمات التى كان آخرها كتابه (على مشارف الخمسين) والذى نشر بعد وفاته عام 1983.
ويرى الناقد (نبيل فرج) فى كتابه (مملكة الشعراء) أنه إذا كانت حركة الشعر الجديد فى مصر قد بدأت فى أوائل الخمسينيات من القرن الماضى، إلا أنها لم تعلن ميلادها الفعلى إلا سنة 1957 عندما صدر الديوان الأول لصلاح عبد الصبور (الناس فى بلادى).
كما يؤكد الناقد الدكتور (عبده بدوى) فى كتابه (فى الشعر والشعراء) أن صلاح عبد الصبور يعتبر أحد الذين عمقوا ظاهرة الحزن فى الشعر الحديث، ولعل هذا الفضل يحسب للشاعر حين يكون صادقاً مع نفسه. والحزن عند صلاح عبد الصبور ظاهرة طبيعية لأنه يعى نفسه، ويعى حركة الكون من حوله، فهو يملك رؤية واقعية وعصرية فى الوقت نفسه للعالم، كما يدرك أن هذا العالم مزيج من الخير والشر، ولا شك أن من تفتح له هذه الرؤيا يفتح له باب الحزن.
ولقد عاب كثير من النقاد على صلاح عبد الصبور نزعته الحزينة التشاؤمية، فرد عليهم فى كتابه (حياتى فى الشعر) قائلاً: " لست شاعراً حزيناً، ولكنى شاعر متألم، وذلك لأن الكون لا يعجبنى، ولأنى أحمل بين جوانحى – كما قال شيللى – شهوة لإصلاح العالم، وهذه الشهوة هى القوة الدافعة فى حياة النبى والفيلسوف والشاعر، لأن كل منهم يرى النقص، فلا يحاول أن يخدع عنه نفسه، بل يجتهد فى أن يرى وسيلة لإصلاحه، ويجعل دأبه أن يبشر بها ".
وقد كان صلاح عبد الصبور يؤمن بمجموعة من القيم، جعل منها مضموناً أخلاقياً وفكرياً فى أشعاره، يقول عنها: " أعظم الفضائل عندى هى الصدق والحرية والعدالة، وأخبث الرذائل هى الكذب والطغيان والظلم، وأنا أعتقد أن هذه الفضائل هى التى تستطيع تشكيل العالم وتنقيته، وغيابها يعنى انهيار العالم، وشعرى بوجه عام هو وثيقة تمجيد لهذه القيم، وتنديد بأضدادها، لأن هذه القيم هى قلبى وجرحى وسكينى معاً، إنى لا أتألم من أجلها، ولكنى أنزف !!".
وكان صلاح عبد الصبور معارضاً لشعر العامية، حيث يرى أنه لون فنى يبنى بناءه العظيم على خطأ؛ فهو يعتمد على لهجة لا ثبات لها، إذ أنها تتغير من جيل إلى جيل، أو إن شئنا الدقة من قرن إلى قرن.
وقد شغلت أشعار صلاح عبد الصبور وأفكاره وكتاباته العديد من الباحثين والنقاد والصحفيين، فكتبوا عنها المقالات والدراسات والأبحاث، نقداً ودرساً ومدحاً، ومن أهم الأعمال التى دارت حول شعره، الكتب والدراسات التالية:
1- قيم فنية وجمالية فى شعر صلاح عبد الصبور، لمديحة عامر، عام 1984.
2- الجحيم الأرضى .. دراسة فى شعر صلاح عبد الصبور، لمحمد بدوى، عام 1986.
3- الرؤيا الإبداعية فى شعر صلاح عبد الصبور، لمحمد الفارس، عام 1986.
4- شعر صلاح عبد الصبور الغنائى، للدكتور أحمد عبد الحى، عام 1988.
5- المسرح الشعرى عند صلاح عبد الصبور، للدكتورة نعيمة مراد، عام 1990.
6- مسرح صلاح عبد الصبور، جزأين، للدكتور أحمد مجاهد، عام 2001.
وغيرها الكثير من الدراسات الأكاديمية والكتب والمقالات والأعداد الخاصة من المجلات والدوريات الأدبية المتخصصة.
وقد أجريت بهذه المناسبة حواراً افتراصضياً مع الشاعر، أسئله فيرد عنه شعره وأبياته، فكان حوار أرجو أن تقرأوه وأن ينال إعجابكم، تجدونه على الرابط التالى: