الرد على موضوع ( السواكن والممدودات ( م/ع )
من قلم غالب الغول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر الأخت ريمه الخاني التي دعتني للحوار في موضوع ) الممدودات والسواكن ( م/ع بالرغم من أنني تعبت من الحوار بسبب تمسك الطرف الآخر بآرائه حتى ولو كانت غير صائبة
كما أشكر الأستاذ خشان على اجتهاده وبحثه , فله أجر البحث مهما كانت النتائج , ولكن ليسمح لي الأستاذ خشان أن أدلي بدلوي وأقول كل ما عندي خدمة للجيل الصاعد , فلربما أكون مصيباً أو ربما أكون غير ذلك , وعلى من لهم سعة الصدر تمييز الغث من السمين وعلى الله توكلت فأقول :
أما بالنسبة لموضوع ( م * / ع فأرى أن كثيراً من حروف الجزم والنصب والجر والعطف والاستفهام وغيرها , ليس لها أي دخل بما تعنيه ( م* / ع ) من شدة أو لين أو حنان أو عطف أو قوة ) وعندما نضيفها في كفة (م* أو في كفة ( ع ) , فيعني ذلك الإجحاف كله .
فالشاعر لا يهمه المقاطع طويلة أو قصيرة , مسكنة أو ممدودة بقدر ما يهمه إيصال المعنى ببلاغته ونحوه وصرفه , وفي بعض الأحيان يكون الشاعر مجبراً ليضع كلمة بغير (مدّ ) لما يتطلبه الوزن منه , ولأن الشاعر يعتني بالوزن أكثر مما يعتني بفكرة ( م/ع ) فالشاعر قد يضحي ببعض مقاطع اللغة استجابة للوزن , ومن هذه الأمثلة كثيرة ندرج منها ما قاله الشاعر في هذا البيت
:
وأنت من الغوائل حين ترمي ... ومن ذمّ الرجال ( بمنتزاح )
.
لقد ضحى الشاعر بقواعد اللغة لأجل ضبط الوزن في كلمة ( منتزاح ) وإن والأصل اللغوي للكلمة هو ( بمنتزح ) فوضع ( المدّ ) لا رغبة منه لينتصر ( ع ) على م* ) بل لينتصر الوزن السليم في الإيقاع السليم .
وما أكثر هذا النموذج في الشعر الزجلي والنبطي والعامي بشكل خاص .
والمقصود في الشعر هو إتمام المعنى البلاغي وليس لما يتطلبه م* ÷ ع ) ويستطيع الشاعر تبديل أي كلمة بأخرى لأجل المعنى والوزن معاً بشكل عفوي دون النظر إلى ( م/ع )
ونحن نعلم بأن بعض معلقات العصر الجاهلي كانت تسمى بالحوليات , أي يبقى الشاعر يعدل في قصيدته حولاً كاملاً لإتمام فصاحته وبلاغته دون النظر إلى الممدودات أو إلى السواكن أو إلى المدة المستغرقة لإنجاز قصيدته .
لنأخذ هذا البيت الشعري .
في الشطر الثاني من البيت الشعري أدناه , والذي يستطيع الشاعر أن يبدل به بعض الكلمات دون أي تأثير بالمعنى , مثال ذلك
1 ــ كأنك لا تظن الموت حقا ,,,,,,
1 2 * 1 1 2 1 2 * 2 * 2* 1 2* 2 = م* 5 / 2 ع )
فلو استبدلنا كلمة ( الموت ) بكلمة ( النار ) فسيبقى المعني به القسوة والشدة , علماً أن النار بها ممدود بينما ( الموت بها الساكن )
ولو قلنا ( لماذا لا ترى في النار حقا ؟ ) وهنا سؤال استفهام , وليست هي جملة خبرية , أي أنها لا تحمل القسوة أو الشدة أو اللين أو العطف ,
من الأمثلة السابقة نجد أن الأبيات الشعرية لم تتأثر في المعنى العام , ولم يكن هناك أي اكتراث لعملية ( الشدة واللين والعطف والحنان ) بل ركز الشاعر على الوزن والمعنى فقط .
ومن هنا بين لنا الشاعر الخلل الواضح والغامض والمبهم في عملية ( م * / ع ) وعدم مسايرتها لواقع الشدة أو الغضب أو الضعف واللين , بل كانت ( م / ع ) متعثرة ومتذبذبة ومتفاوتة حسابياً ) مما يجعلنا نحكم عليها بالضعف وعدم جدواها دراسياً وأكاديمياً , لأنها لا تتماشى مع المنطق السليم ثم . لأن الله وهبنا العقل والسليقة والفطنة والذكاء لنميز المعاني القصصية والشعرية والعامية , والقرآنية دون الحاجة إلى آلة حاسبة أو إلى مخططات هندسية لنعرف من خلالها معنى الخطاب .
ثم علينا أن ندرك بأن لغتنا ثرية بمقاطع المدودات ومقاطع السواكن ,ونحن نختار الكلمات التي تتماشى مع المعنى المقصود في شعرنا العربي خاصة . ويمكن أن تأتي الممدودات أكثر من المسكنات ومع ذلك فلا نعتبرها إلا كلمات بها الظلم والشقاء والنار وتخلو من الشفقة والحب والرحمة , لنأخذ هذه الأمثلة: على سبيل الأمثلة :
يا ظالمون لكم شقا
ما بالُ حالكمُ لظى
( الممدودات أكثر من الكلمات المسكنة الآخر , وليس بها رحمة أو شفقة . )
ثم هناك أمر آخر , قد يأتي الشاعر بكلمات ليس بها مدود وليس بها سواكن بآخرها , بل كلها مقصورات , فكيف تصنف بعلم ( م */ ع ) ؟
مثال ذلك :
كتب وقرأ وجلس فضحك
1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 1 (((
إنها كلمات عربية فصيحة , ولها المعنى الذي يقصده الشاعر , فهل نخرجها من قاموس الشعر والنثر واللغة إذا لم تتماشى مع ( م */ ع ) ؟
((( أين م * ؟؟؟؟//// ثم أين ع ؟؟؟؟ ) في العبارة السابقة ؟
وإذا كانت أفعال الأمر تستوجب الشدة والعنف , فهل جميع أفعال الأمر تشترك بالمعاني نفسها , وهل فعل الأمر الصادر من الخالق إلى المخلوق يعادل صيغة أمر الدعاء الصادرة من المخلوق إلى الخالق؟ , وهل الأمر الصادر من الصديق إلى صديقة يعادل المعنى نفسه بأفعال الأمر السابقة ؟
مثال:
خذُ يا ربي حقي منه
خذ يا والدي حقي منه
خذ يا ولدي حقي منه
خذ يا صديقي حقي منه
وجميع العبارات السابقة تسوت في العدد الرقمي واختلفت بالمعني باختلاف صيغة الأمر . فهل ( م / ع ) تستطيع التفريق بين هذه الأوامر ؟
وهل باستطاعتنا أن نتعرف على التأثير النفسي للمتكلم من خلال حروف ومقاطع أو من خلال أسباب وأوتاد ؟ أم أن الانفعال النفسي يظهر جلياً عندما يتكلم الشخص أمامك وأنت تنظر إلى انقباض عضلات وجهه وانفعال صوته واهتزاز جسمه , لتعرف إن كان غاضباً أو كان مبتهجاً أن كان معتدلاً ؟
لنأخذ هذا المثال :
قاتلونا قاتلهم الله ( فيها الظلم بالقتل والدعاء عليهم بالقتل )
1 * / 6
سامحونا سامحهم الله ( فيها العفو والمسامحة والفضائل )
1 * / 6
نلاحظ أن العبارتين تساوتا بالمقدار واختلفتا بالمعني فماذا يقول أصحاب ( ميم : عين ) ؟؟؟؟
إن وجود الأسباب والأوتاد , ووجود المد والساكن, ليس لها معنى سوى إتقان الوزن وإيصال المعنى البلاغي المطلوب .
وأنا أعتقد أن مشروعاً ما أو بحثاً ما إن لم يحمل الشمولية والدقة فلا نعتبره بحثاً كاملاً أو متكاملاً , وينبغي أن يطبق البحث على كل كلام صادر من بني الإنسان سواء أكان باللهجة أو بالعامية أو بالشعر الفصيح أو بالنبطي أو بالقصة أو الحكاية أو على أي كلام مكتوب , فإن لم تكن له قاعدة تحكمه فلا نعده بحثاً .
إن الشاعر أو القاص له انفعاله سواء أكانت لغته ضعيفة أو قوية ,أو حتى ولو لم يتعلم إلا بلغة الإشارة فإننا سنعرف مدى انفعاله بالرضا أو بالقبول أو بالرفض .
ومن هنا نقول ماذا تقدم ( م/ ع ) للغة الإشارة ؟؟؟؟؟ أليس هي لغة من اللغات , وهل يستوجب أن نحمل بأيدينا آلة حاسبة وورقة رسم بياني لنعرف مدى انفعالهم أو مدي عواطفهم ؟
وكذلك البحور الشعرية فهي لا يوجد بها إلا الأسباب والأوتاد والفواصل , وهي حروف صماء , نستعملها للدلالة على ما تكنه أنفسنا من غضب أو فرح بأي مدود أو سواكن كانت,لأن الشاعر يستطيع أن يفعل كما فعل الأقدمون بأن يجعل قصيدته كلها بحروف لا يوجد بها أي حرف شفوي , أي أن الشاعر يقرأ قصيدته وفمه مفتوح من أول القصيدة إلى آخرها , ألم يستطع الشاعر أن يجعل قصيدته كلها ممدودات فقط في الرثاء أو في المدح أو في الغزل , جرب ذلك ستجد الجواب , وبهذه الحالة ستكون ( م / ع ) خارج البحور الشعرية وليس لها أهمية تذكر .
وبقي علينا أن نتحدث عن موضوع ( م * / ع ) وبما يخص القرآن .
إن القرآن ليس بنثر , وإن القرآن ليس بشعر , بل القرآن هو القرآن الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم مرتلاً , به الإدغام وحروف القلقلة والمدود على حركات متفاوتة المقدار بحركاتها , كما ويوجد في التجويد قراءات متعددة , وكيف نحسب مقدار ( مالك يوم الدين ) و ( وملك يوم الدين ) لقد اتفقتا بالمعنى واختلفتا بالمقدار , أليس كذلك ؟ فما هو ردكم يا (م / ع ؟)
وكيف نحسب المد الذي به أكثر من أربعة حركات مع المد الذي به حركتان ,مثل (ولا الضالين ) , أم أن جميع المدود تتعادل في مقدارها الرقمي ؟ وهل جميع المدود مهما كثرت حركاتها ستعطي الحالة النفسية وذات المعنى ؟ لنسأل م / ع لتعطينا الجواب .
القرآن لغة الله سبحانه , لا يوجد به إيقاع , ولا يوجد به موسيقا إيقاعية , ولا يوجد به ألقاب التفاعيل ( مخبون مشكول مقبوض مذيل , مطوي وغيرها من الألقاب ) لأن الترتيل ينسف هذه الألقاب ومن المحرج جداً أن نشبه الآيات ومقاطعها بمقاطع الشعر أو النثر , فالكلام ثلاثة ( شعر ونثر وقرآن ) فالشعر له الإيقاع , والنثر له عفوية اللفظ , والقرآن له الترتيل , والفرق بين الكلام كبير جداً .
وختاماً
كيف نحسب الجملتين الآتيتين :
( قاتلونا قاتلهم الله ) ( 1* / 6 ) قيمة مرتفعة
و( وسامحونا سامحهم الله ) ( 1* / 6 ) قيمة مرتفعة , علماً أن المعنيين متناقضان ) فأين مصداقية هذا العلم م/ ع ؟
أشكر الأستاذ خشان أولاً وآخراً على هذا الموضوع , وله أجر البحث , ولم أقدم معلوماتي هذه إلا لأجل الفائدة , فلربما أكون على غير صواب والله أعلم .